السلام عليكم ورحمة الله
إرسال السلام للغير كثيرا ما نمر به في حياتنا
فهذا الموضوع يبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إرسال السلام
وتحمله له -أي حمل السلام بين شخصين
و الرد على السلام المرسل
إرسال السلام وتبليغه
كان النبي -صلى الله عليه وسلم -يحمل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه . ويتحمل – – السلام لمن يبلغه إليه -صلى الله عليه وسلم .
فمن الأول
ما رواه مسلم في صحيحه ( 3/1506 ) عن أنس بن مالك –رضي الله عنه – أن فتىً من أسلم قال : يا رسول الله ، إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز .
قال : ائت فلاناً فإنه قد كان تجهز فمرض . فأتاه فقال : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقرئك السلام ويقول : أعطني الذي تجهزت به .
قال : يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به . ولا تحبسي عنه شيئاً ،
فوا الله لا تحبسي منه شيئاً فيبارك لك فيه .
ففي هذا الحديث مشروعية إرسال السلام إلي الغائب ، وعليه العمل عند المسلمين .
من ذلك ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال :
أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحج ، فقالت أمرأة لزوجها : أحجني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقال : ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني علي جملك فلان .
قال ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل
فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله ، وأنها سألتني الحج معك ، قالت أحجني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم
فقلت ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني علي جملك فلان .
فقلت ذاك حبيس في سبيل الله
فقال :
(( أما إنك لو أحججتها عليه كان ذلك في سبيل الله ))
قال : وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجةً معك ،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : (( أقرأها السلام ورحمة الله وبركاته ، وأخبرها أنها تعدل حجة معي )) يعني عمرةً في رمضان ([28]) .
**************
ولا يختص إرسال السلام إلي غائب عند الحاجة إليه ،
بل هو عام عند الحاجة ، وغيرها كما وردت بذلك النصوص والآثار ، وسيأتي بعضها .
أما الهدي الثاني
وهو تحمل النبي صلى الله عليه وسلم لمن يبلغه إليه ،
فمنه ما في الصحيحين ([29]) عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال :
أتي جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام ، أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ، ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصبٍ لا صخب فيه ولا نصب .
وفي الصحيحين ([30]) – أيضاً – عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً : (( يا عائش : هذا جبريل يقرئك السلام )) فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا أرى . تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا لفظ البخاري ، وليس في رواية مسلم : (( وبركاته )) .
قال النووي في شرح مسلم ( 15/211 )
وفيه استحباب بعث السلام ويجب علي الرسول تبليغه . ا هـ .
قال العلامة ابن مفلح – رحمه الله – في ( الآداب 1/419 ) :
وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة ، وإلا فلا يجب . ا هـ .
قال الحافظ ابن حجر في ( الفتح 11/38 ) :
والتحقيق أن الرسول إنِ ألتزمه أشبه الأمانة ، وإلا فوديعة ، والودائع إذا لم تقبل لم يلزمه شيء . ا هـ .
فعلي هذا إذا حمل اشخص سلاماً ، فلا يخلوا من أحد أمرين :
الأول :
أن يحمل سلاماً ، فلا يتحمله إما بقوله : لا أتحمل سلامك .
وإما بقوله إن شاء الله قاصداً التعليق لا التحقيق .
وما شابه ذلك .
الثاني :
أن التزم ما حمله .
وذلك بقوله : سأبلغ سلامك ، أو سأبلغه إن شاء الله .
قاصداً التحقيق وما شابه ذلك .
فالأول : لا يجب عليه تبليغ السلام .
والثاني : يجب لأنه تحمل أمانة ،
فأوجب على نفسه تبليغها والدليل على ذلك عموم الآيات والأحاديث
الدالة على وجوب حفظ الأمانة وتأديتها والله أعلم .